آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 26 نوفمبر 2024 - 06:58 م
التنمية المستدامة: وعي غائب أم انتظار للاستقرار؟
الخميس - 14 نوفمبر 2024 - الساعة 02:30 م
اطرح اليوم موضوعاً يُعد من أهم المواضيع التي تهم الدول والشعوب، ورغم أهميته، فأنا على يقين أنه لن يحظى بنفس الاهتمام والصدى الذي تجده في هذه الأيام المواضيع السطحية التي لا قيمة لها. ومع ذلك، نطرح الموضوع لعل التذكير ينفع من يعي أهمية هذه القضايا.
الكثير يسمع عن التنمية المستدامة ولكن لا يدرك معناها، فضلاً عن عدم معرفته بأهدافها ومؤشرات قياسها.
باختصار، تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق تنمية شاملة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، دون استنزاف الموارد أو التأثير على قدرة الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها. بمعنى آخر، هي تركز على تلبية احتياجات الأجيال الحالية مع الحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة.
لننظر اليوم في واقعنا على مستوى الأرياف قبل الانتقال إلى المدن. نشهد توسعاً عمرانياً عشوائياً في الأرياف، مع حفر غير منظم للآبار وغياب مشاريع الصرف الصحي، مما يدفع البعض لإنشاء خزانات صرف صحي قرب المنازل لتلبية احتياجاتهم الحالية، دون اعتبار لخطر تلوث المياه الجوفية أو استنزافها.
إضافة إلى ذلك، لا توجد مكبات للنفايات، مما يؤدي إلى انتشار التلوث في أماكن غير مخصصة، من غير القضاء على مساحات زراعية واسعة لصالح التوسع العمراني، والتوسع في زراعة القات بما يسببه من استنزاف للموارد المائية وتلوث التربة وانتشار الأمراض.
فهل حافظنا على حقوق الأجيال القادمة هنا، أم أننا نتبع قاعدة "كل ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، بمعنى أن الأهم هو تلبية احتياجاتنا فقط، دون التفكير في الأجيال المقبلة وحقوهم، وهذا يخالف قوله تعالى: "{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}".
أما في المدن، وتحديداً في عدن، فإننا نشهد انتشار العشوائيات، وتراجع المساحات الخضراء، وحفر آبار عشوائية في المنازل والاحواش والمزارع، في ظل غياب التخطيط الحضري. كل ذلك يهدد مستقبل عدن، فعلى الرغم من انتشار العمران في عدن وضواحيها، إلا أنه يتم على حساب الأجيال المستقبلية، لا تخطيط حضاري ولا بنية تحتية حقيقة، وهذا يعني القضاء على مستقبل عدن.
على الصعيد الاجتماعي، نلاحظ تراجعًا كبيراً في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. هذا التدهور يعني ضياع مستقبل الأجيال الحالية، فضلاً عن تهديد استقرار الأجيال القادمة، حيث أن ما يحدث اليوم سيترتب عليه نتائج كارثية تؤثر على المستقبل بشكل عام.
باختصار، في بلد غابت فيه الدولة وتعرضت فيه الكفاءات للتهميش، وصلنا إلى نتيجة مؤسفة؛ حيث لم نحافظ على حقوق الأجيال الحالية ولا حقوق الأجيال القادمة.
المؤسف أنه لا توجد جهة تنبه أو تحذر من هذه الكوارث، بينما وضعت معظم دول العالم خططاً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع فترات زمنية وأهداف قابلة للقياس لضمان التقدم الآمن نحو تحقيق هذه الأهداف، مثل رؤية مصر 2030م رؤية السعودية 2030م وغيرها ..
صحيح أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب بيئة سياسية وأمنية واقتصادية مستقرة، لكن ذلك لا يعني أنه لا يمكن التوعية بأهميتها أو أن يمتنع الإنسان عن البدء بنفسه ومنزله وبيئته القريبة. فحين يبدأ الأفراد بالتغيير في محيطهم الاجتماعي، يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بدلاً من السير الجماعي نحو المجهول.
المشكلة أن العديد من الناشطين شمالاً وجنوباً، مشغلون بترويج قضايا سطحية وتفاهات، وكأنهم يعيشون في أفضل الظروف. في وقت يتطلب فيه الوضع التركيز على القضايا الجوهرية التي تمس حياة الناس.