آخر تحديث للموقع : الأربعاء - 25 ديسمبر 2024 - 11:46 ص

مقالات


سوريا بين صفقات النفوذ الإقليمية والدولية: غياب السيادة وحضور المصالح

الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024 - الساعة 09:53 ص

محمود اليزيدي
الكاتب: محمود اليزيدي - ارشيف الكاتب



شهدت سوريا أحداثاً دراماتيكية غامضة أدخلت المراقبين في حالة من الذهول. ويبدو أن هذه الأحداث قد انتهت بتسوية الوضع السوري عبر صفقتين رئيسيتين: إحداهما إقليمية والأخرى دولية.
تُظهر هذه الصفقات أن النفوذ الإقليمي والدولي قد تم ترتيبه بعناية بين الأطراف المعنية، في حين غابت السيادة السورية عن المشهد، وباتت المصالح الوطنية السورية مجرد ورقة في لعبة المصالح الكبرى.

الصفقة الأولى: إقليمية

تشير المعطيات إلى أن الصفقة الأولى قد أُبرمت بين إيران وتركيا. فإيران، التي فقدت ذراعها الأيمن في المنطقة، ممثلاً بـ”حزب الله” بعد خسارته الحرب أمام إسرائيل، وجدت نفسها مكشوفة أمام الطيران الإسرائيلي دون وجود أدوات ضغط لحماية منشآتها النووية.
أما تركيا، بقيادة أردوغان الطامح لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، فقد استغلت الموقف لتعزيز نفوذها في الشمال السوري، وصولاً إلى مدينة حلب، التي تعتبرها ضمن “الأراضي التاريخية التركية”، على غرار ما فعلته روسيا في ضمها للأقاليم الأوكرانية.

مضمون الصفقة الإقليمية

تضمنت هذه الصفقة تقليص النفوذ الإيراني في سوريا لصالح تركيا، مقابل التزام الأخيرة بحماية الأضرحة الشيعية والمصالح الإيرانية المتبقية في سوريا. وفي المقابل، دعمت تركيا توسع النفوذ الإيراني في اليمن، من خلال توجيه جماعة الإخوان المسلمين في اليمن “حزب الإصلاح” نحو الدخول في شراكة مع جماعة الحوثي.
وقد نشهد تفعيل اتفاقية السلم والشراكة، التي ظلت مجمدة منذ انطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية عام 2015.

الصفقة الثانية: دولية

على المستوى الدولي، تم التوصل إلى صفقة بين روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، والولايات المتحدة بقيادة الرئيس المنتخب آنذاك دونالد ترامب، الذي تعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا.

مضمون الصفقة الدولية

نصت الصفقة على أن تتخلى روسيا عن دعم النظام السوري، مع ضمان بقاء قواعدها العسكرية في سوريا لتأمين العلويين في مدن الساحل، إلى حين تشكيل حكومة سورية منتخبة وقادرة على إدارة البلاد.
في المقابل، حصلت روسيا على ضوء أخضر أمريكي للاحتفاظ بالأقاليم الأوكرانية التي ضمتها، مع غض الطرف عن أي تحركات إسرائيلية لحماية أمنها القومي. كما تضمنت الاتفاقية التزام تركيا بعدم السماح للمعارضة المسلحة بالاعتداء على المصالح الروسية أو قواعدها في سوريا.

الخلاصة

تؤكد هاتان الصفقتان أن مصالح القوى الإقليمية والدولية تستمر على حساب سيادة الدول الصغيرة. أصبحت سوريا ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات وترتيب المصالح الدولية، بينما يدفع الشعب السوري الثمن الأكبر في هذه المعادلة.