آخر تحديث للموقع : الأربعاء - 25 ديسمبر 2024 - 11:46 ص

مقالات


المشكلات

الثلاثاء - 17 ديسمبر 2024 - الساعة 02:06 م

حسين أحمد الكلدي
الكاتب: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب



المشكلات هي جزء من التحديات في الحياة اليومية وتعتري طريق الجميع وتظهر باستمرار مع الالتزامات. فالمشكلات هي التي تخلق سوء الفهم في العمل وفي الحياة الشخصية لكن هذا يساعدنا في النمو والتطور وتحسين أفكارنا وتزيدنا معرفة بأنفسنا ولهذا يجب علينا مواجهتها وابتكار الحلول لكل مشكلة تواجهنا؛ لأنها تعتبر فرصة ثمينة للنمو وتطوير الذات وهي تكشف ما تكنه النفوس من مخزون كبير في عبقرية القيادة. فالمشكلات هي التي تشكل الإنسان وتكسبه العمق والحكمة، وتجعل من يواجهها يبتكر ويخلق لها الحلول ويكون مدركًا لذاته ولما يدور حوله. فالعظماء هم من يقومون بإصلاح إخفاقاتهم ويحولوها إلى نجاح. وفي مثل يقول: إن الخطأ لا يعتبر خطأ إلا إذا ارتكبته مرتين.
والشاعر حسين المحضار له في ذلك الأمر وجهة نظر عندما قال:
كل من غلط مرة عطه فرصة وأمل
أما إذا تكرر خطاه الناس باتمله.
في الحقيقة، إن المواقف الصعبة التي تعتري طريقك مع بعض الأشخاص وفي الأمور التي تزعجك هي فرص عظيمة تشد عودك وتقويك، فكلها تعتبر مدرستك التي تتعلم منها. وكما قال العالم الشهير كارل يونغ: كل ما يغضبنا في الآخرين يمكن أن يقودنا إلى فهم أنفسنا. إن الأشياء التي تغضبك وتغيظك وتضايقك هي المدخل الحقيقي نحو نموك وتطورك وارتقائك كإنسان. فكل هذه معالم في الطريق ترشدك لكي تصل إلى وجهتك وتعرف ما يجب عليك أن تعمله. فلا تلُم من أغضبك ولا تُلقِ المسؤولية على من كان سببًا في إثارة غضبك وإزعاجك، ولكن عليك أن تتصرف بحكمة وتغوص في أعماق ذاتك لتُخرج منها أجود ما تملكه من الحكمة والصبر والحنكة لكي تخرج من هذه المواقف المزعجة منتصرًا قويًا ومؤثرًا في الكيان الذي تتواجد فيه وعندما تكبح ردود أفعالك السلبية وتستغلها لتنمية إدراكك ووعيك وتفجير طاقات مداركك لتصبح أكثر وعيًا وقوة وتبدأ في رؤية العالم من منظور مختلف فالظروف الصعبة والضغوط والأزمات هي ما تفجّر الطاقات بداخلنا وتظهر جودة المعدن الذي ننتمي إليه في أبهى صورة . فالإنجازات العظيمة تتحقق عندما نكون على المحك وعندما نمر في أكثر الطرق وعورة إذ قد نكون فيها أنفسنا حتى نكتسب الخبرة التي تدفعنا للتألق. فمن لا يستطيع أن يجتاز الاختبارات الصعبة التي يقابلها في الحياة لن يدرك العظمة. وفي أمثال كثيرة، نأخذ منها قول الشاعر أبو القاسم الشابي:
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ
يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ.
فإن كل العظماء والقادة هم من يضعون أولوياتهم امام تحدي مخاوفهم ويخاطرون بركوب الصعاب الكبيرة لإنجاز ما يطمحون لتحقيقه. فأنت لن تكون مؤثرًا وقويًا إذا لم تكن أكثر جرأة وإقدامًا وأن يكون منظورك في الحياة النجاح ومد يد العون لنفسك ولمن حولك والاستماع بقوة للصوت الذي يناديك ولما تحمله في أعماقك من كنوز ثمينة وعظيمة.