آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - 10:50 م
يافع: قوة العطاء وسمو الإنسانية في أوقات المحن
الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - الساعة 06:03 م
الفضيلة هي تجاوُز متواصل للذات، ويافع تجاوزت فضائل الإنسان الأعلى بكثير، إنها تغدو الآن نشيد إنساني للعطاء اللامحدود في عصر المأساة الأكثر قتامة ووحشة.
اليافعيون العظام، إنهم منذ ثلاثة أيام يحشدون أفذاذهم من ذوي الأموال الطائلة لجمع مبلغ ضخم لعتق رقاب من أبناء جلدتهم، لا أخفيكم أنّي حين قرأتُ المبلغ شعرتُ بصدمة مدوّية هدمتْ روحي كأن نيزك وقع بداخلي!.
خمسة عشرَ مليون ريال سعودي المبلغ المطلوب لعتق رقاب أصحاب البلاء. خمسة عشرَ مليون ريال سعودي ليس مبلغًا سهلًا حتى على ميزانية دولة في زمن اللا دولة.
بدا المبلغ تعجيزيًّا منذ الوهلة الأولى، واستحالت نفسي تمرير هذا المشروع لفرط ما صدمني المبلغ المهوّل، لكن فجأة حدث المستحيل...!
خلال يومين فقط جمع رجال أعمال يافع عشرة مليون ريال سعودي. يا إلهي!
هذه واحدة من أساطير يافع الكبرى، قرى صغيرة تُعيد لمملكة حِميَر قَبسًا من أمجادها، تخترق يافع جغرافيتها وتتسع في الأربع الجهات دون حائل بينها وبين المستحيل، لم يسبق أنَّ أربع قرى صغيرة مذرورة على أعالي جبل جمعت عشرة مليون ريال سعودي خلال يومين فقط!
هذا الحشد يجب أن يكون أحد ضروب السخاء لدى الأجيال الصاعدة، ارتجالٌ يمنح القرية هيبتها الخالدة في سجلّات التاريخ.
اليافعيون حين يضعون أكفَّهُم على بعض ينكمش البلاء، وتغدو الحياة آملة وذا بهجة سارّة، هؤلاء أصحاب هِمم شاحذة وحماسات متفجّرة في أعلى مستويات الإنسانية والرحمة.
لا غرابة، هذه ليست أول السطوات اليافعية، ولن تكون الأخيرة، لأن يافع سبّاقة ورائدة، ولأنهم يتدافعون نحو المجد حشودًا هائلة وأرقامًا خياليّة.
قصور شامخات يافع دليلها الأول أن الإنسان اليافعي مشبّع بالأمجاد، لأنَّ الكريم من بيته، ولأنَّ الجبل يغدو قاعًا صفصفًا إذا قرر أهل قرية يافعيّة أن يشقّوا من صلابته طريقًا للعبور.
المفهوم المركزي في الفكر اليافعي، أن يغدو المال مع الله، والتجارة في سبيل الإنسانية لا تبور.
إذن فلنغمرها بآيات الإجلال والكبرياء، ولتغض اللغة بصرها قليلًا أمام هذا البهاء والألق، ما مِن قدرة على الكلمات أن تفي بالغرض أمام سلطانة الزمان "يافع" والتاريخ يجثو على ركبتيه فوق بلاطها المُقدّس.