آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - 10:50 م

مقالات


الحرب العالمية الأولى بين الشاعرين الحريبي والجهوري

الإثنين - 14 نوفمبر 2022 - الساعة 01:52 ص

 د علي صالح الخلاقي
الكاتب: د علي صالح الخلاقي - ارشيف الكاتب






الشاعر الشيخ محمد بن زيد بن صالح بن أبو بكر الحريبي. نشأ في بيت شعر, وبعد وفاة والده خلفه في مشيخة آل رشيد عمه علي صالح أبوبكر, وفي تلك الفترة قامت المواجهات بين يافع وجيوش الإمام يحيى الذي خلف الأتراك بعد خروجهم من اليمن وحاول احتلال يافع بكل ما لديه من أسلحة حديثة ورثها من الأتراك, وقد دارت أقوى المواجهات في الشعيب, وكان شاعرنا من القادة البارزين فيها مع السلطان فضل بن محمد هرهرة والشيخ أبوبكر علي بن عسكرالنقيب والشيخ علي الحاج بن سعيد العفيف. وحينما تُذكر معركة "القزعة" الشهيرة في عام 1338هـ/1920م يُذكر اسم الشاعر البطل الهمام محمد بن زيد الحريبي, وهي المعركة التي حشدت فيها يافع والموسطة بشكل خاص قرابة خمسة آلاف مقاتل تدافعوا- كما يصف ذلك مؤلف سيرة الإمام يحيى- كالسيل لنجدة أخوانهم في الشعيب الذين استغاثوا بهم لدحر اعتداء القوات الإمامية, حيث أقبل أهل يافع بجموعهم إلى حصون القزعة, وهي جبال منيعة بأطراف الشعيب, وملؤها بالرجال والأبطال.. وتمكنوا أن يطبِّقوا أنحاء الشعيب ويحاصروا عامل الإمام ومن معه, وكانت المواجهات عنيفة, لم تقتصر على تبادل الرمي بالبنادق والمدافع, بل تناولوا جميع أصناف الطعان. وقتل العشرات من الجانبين, ومن بين القتلى الشيخ محمد زيد الحريبي والشيخ محمد علي بن النقيب والشيخ صالح محسن النقيب وحسين عبده الحريبي وعلي محمد العوادي وبن مفتاح وغيرهم, وأعداد من الأسرى بلغ عددهم 14 أسيراً. وقد تغنى الشعراء بتلك البطولات النادرة( انظر قصيدة القاضي محمد أحمد بن علي حيدر البكري, في كتاب "أعلام الشعر في يافع" ص 365-366) وما يزال الناس يتناقلون بطولة بن عباري القعيطي الذي يروى أنه قتل ستة أشخاص من جنود الإمام وعندما نفدت ذخيرته عض على السابع بنواجذه حتى قتل معه.

والشاعر الشيخ محسن قاسم الجَهْوَري, من قرية "ضِيْكْ" وهي إحدى قرى الجهاورة في الموسطة - يافع, توفي قبل الاستقلال, ونجله هو الشاعر المعروف علي محسن الجهوري, المغترب في أميركا. وآل الجهوري أسرة نبيلة ومشهود لها بالشجاعة والمواقف الوطنية المبكرة ضد الاستعمار البريطاني. وهم شيوخ المُسعدي في الموسطة. وللشاعر الشيخ محسن قاسم الجهوري قصائد عديدة غير مدونة. ومن أشعاره التي حصلت عليهافي "مخطوطة عبدالله غالب الرشيدي" بواسطة الصديق الشاعر ياسر الرشيدي, وكذا في مخطوطة "الفقيه علي حسين عبدالرب الرشيدي" من الصديق الشاعر حريبي عبدالرب الحريبي, القصيدة التالية التي أرسلها الجهوري عام 1916م إلى صديقه الشيخ محمد بن زيد الحريبي وكذا جواب الحريبي. ومعروف أن قبائل يافع قد انقسمت خلال أحداث الحرب العالمية الأولى بين مساندة للسلطان العبدلي والانجليز بدافع العلاقة معهما وأخرى مؤيدة للأتراك بدافع الرابطة الدينية, وهو ما ينعكس في قصيدتي البدع والجواب بين الشيخ الجهوري والشيخ الحريبي المؤيدة والمؤازرة للأتراك بقيادة سعيد باشا الذي سيطر بقواته على لحج, ونبدأ بقصيدة البدع للجهوري وفيها يدعو بالويل والثبور على الأعداء الانجليز وقائدهم (جيكوب), ويقول فيها بعد الاستهلالة الدينية التقليدية في الشعر اليافعي التي استغرقت تسعة أبيات:

وخُو مسعد يقول أمسيت قاهد

وقلبي منشرح ما به أذيه



وبفرح يوم يقبل ضيف وافد

ونمسي عالطرب والفنطسيه



وقم يا طير في خطي مجاهد

من الدار المشرَّف بالعليه



تسند حيد متنصِّب وراكد

وبه حنشان ذي من بطن حيه



ومر الموسطه ولعا تناشد

تروَّح مطرح الدوله عشيه



مُسمى مسجد النور المحادد

ورأس الموسطه سدّه عجيه



تفكر عالمناظر والمساجد

بناء غسان شغل العامريه



وتقصد حصن ذي فيه الأماجد

بني حربان رتبتهم عليه



وبلغهم سلامي لاك وارد

بريح المسك تشملهم قصيه



وخُص الشيخ بن زيد المعاهد

سلام الفين منّي له قديه



وبا تلقاه بالديوان قاعد

وهُو مسرور في همّه قويه



وعز القات عنده عالوسائد

وريضه بالقصور المعتليه



محمد زيد ذي له وصف زايد

مخاطب دولة الروم العليه



ومن لعلام قل له مد واحد

جميع الناس قد هم بالغويه



فلا تابع ولا عاقل يفاقد

يكيلون السرف بالداخليه



ويدُّوا قول في قاصر وزايد

تربوا عالمشورات الرديه



وبن قاسم بيذرأ حب ناجد

فلا يسرف ولا يعمل خطيه



ومن علم الدول بارق وراعد

عدو الله تحْسِبْتَهْ وفيه



ويهلك منهم من كان جاحد

وبا تصبح مطارحهم خليه



نظام الروم تدهم عالمجارد

من المشقاص لا القسطنطنيه



جيوش الترك تقبل سيل وارد

يدكون القلاع الكافريه



وريّسهم سعيد في لحج قاعد

وضباط العساكر شركسيه



يذودون العدو حادر وصاعد

في المجراد يشووهم شويه



وجيكوب في عدن يصنع مكائد

مراكب في الهواء ما بع رُئيّه



يألِّف له من الحكمه جرائد

وكم يخسر فلا ناره لصيه



يخرِّج قوته كنَّه معاند

وسيف الذل فيهم والبليه



سعيد المندعي فارس وقائد

يطيِّر شملهم في كل ليه



ومفروضاً على من كان عابد

جهاد الكفر ملتهم دنيه



وصلوا عالذي قام العقائد

محمد ذي له الجنه سميه



وهذا جواب الشاعر الشيخ محمد زيد الحريبي على قصيدة الشاعر الشيخ محسن قاسم الجهوري

وخُو صالح يقول القلب حاضر

زهور القول يقطفها نديه



ولي هاجس من القبله مسافر

وجاب العلم بأخبارٍ رهيِّه



وحققق بالعساكر والذخائر

مع السلطان والكافر فنيه



وشتت شملهم وأهلك دوائر

وطفأ نارهم لما هبيه



ويا للاَّه كم هي من اساير

قبضهم تحت حكمه والقضيه



رَعْ الله للأسد حافظ وناصر

ومن عاون معه يده عليه



وقائد جيشنا كم با نخابر

من أخباره عمى هدِّ البريه



رميهم ( بالهَوَنْطف) والميازر

وسلفخ دمهم في كل ليه



نسور الجو تشبع كل باكر

بحوطة لحج بالأرض الوطيه



وعاده با يصل أرض البنادر

وبا يملك فرضها والرعيه



على عود الطرب بيَّت سامر

وبركس قات وأغصانه رويه



ورحِّب يالوطن في قول شاعر

فصيح النطق معذاباً نقيه



ملان الدور ذي فيها المناظر

يوازنها ويذلح للبقيه



وطن مسمار سوّس دار قاهر

وحلّوا به صناديد السريه



وخُذ يا معتني زين الميازر

عطاء من عند دولتنا العليه



ومُهر اشقر من الخيل الفواخر

تلبّك ساعة الكلمه عجيه



ومن مطرح بني حربان بادر

ومر الموسطه سيره دليه



ولا بين المحاور كُن مياسر

وتشرف عالبلد ذي هي ضويه



محل الجهوري من قبل عامر

أصيل الجد بأخلاقٍ سنيه



وقصدك شيخ وافي بالمحاضر

حماه الله من شر الأذيه



ولد قاسم وخُو مسعد وناصر

وبالمحراب له عصبه قويه



سلام الفين له مني تكاثر

عدد لمطار من مزنه نويه



بعرف المسك ذي جاء من بهادر

من الرَّاجات يعطونه هديه



ولا اتخبَّر فقل له ما نخابر

سوى بأعلام ظاهر ما خفيه



وحذري يا فتى من كل ماكر

تلطف منطقك واطلب مزيه



وكل أفاك كن منه محاذر

ولا تأمن غوائله الرديه



لعا يحلف على سبعه مجامر

وعادات العرب كيّه بكيه



وكُنَّا في عدن نحن الأكابر

ويافع نكتبه تحت الحميه



خرج موسى وطيّر كل ساحر

وفرعون أهلكه ظُلْمَهْ وغَيِّه



نكايل بالمصبَّر كيل وافر

ودَيْن الكذب بالرُّبعي وقيه



جوابك ذي حصل ضد الصوادر

وسامح في نسى بعض الحكيه



كما ان القلب بالأشغال ماهر

كموج البحر تسمع له دويه



وصلى الله على نور المحاضر

محمد ذي له الجنه سميه





من كتابي (أعلام الشعر الشعبي في يافع)