آخر تحديث للموقع : الثلاثاء - 26 نوفمبر 2024 - 06:58 م

مقالات


الله الله الله واحدة من معجزات عدن خلال العشر السنوات الأخيرة

السبت - 03 أغسطس 2024 - الساعة 12:16 ص

صقر الهدياني
الكاتب: صقر الهدياني - ارشيف الكاتب



لسنا بحاجة إلى أي فلسفات لتعظيم هذا المخلوق الشهم، هذه الحادثة بكل تفاصيلها الموحشة، وعلى امتداد الأيام الأليمة، ونهايتها اليوم التي اختتمها بالعفو؛ لا يمكن أن يفعل هذا إلا إنسان نبيل، إنسان بلغت إنسانيته أقصى مراحل الشهامة والإيمان.
أجزم أنه لن يتحمل كل هذا الألم، ووجع فقدان "فلذة الكبد"، وكل ضغوط القبائل، والمشائخ، والوجهاء، وبصمتٍ، وأخلاقٍ، دون أن يفقد أعصابه ويجرح أحد، إلّا إنسان قوي الشخصية رغم كل الانهيارات النفسية، والخلخلات الروحية. لا أحد لا أحد يستطيع تجاوز هذا الألم، والدوس على عواطفه، والثبات إلى آخر لحظة، من ثم تنقلب الحمية والغضب، إلى رأفة وشفقة بثلاث صبيات أرهقهن انتظار الحسم؛ مالم يكن هذا المرء قابضًا على كل صفات الإنسانية!.
قلّة من هؤلاء البشر يستطيعون العفو والصفح، دون أن يفقدون أبسط مكانة في قلب أحد، هذا ثبات إنساني جدير بالتأمُّل، وطاقة حسنة لا يمتلكها أي إنسان في هذه الحياة. هذه حادثة أشبه أن تكون ظاهرة، ظاهرة خارقة للعقل والمنطق، بالذات وأن إبراهيم بدا واضحًا وصلبًا في اتخاذ قرار القصاص، ومن الصعب أن تتفتت قناعته ولو جمعوا له كنوز الدنيا، فجأة، ودون أن يفكر أبسط مخلوق أن العفو هو الخاتمة، نطق إبراهيم كلمة الفصل، وأهدى أبوّة "هرهرة" لبناته!. يألله، ما أعظمها من روح تسكن ملامح إبراهيم، هذا الذي فقد أعز ما يملك، وذاق مرارةً تذوب منها الجبال، ولأنه جرب شعور الفقد، قرر ألّا يحرم ثلاث صبيات من طعم الأبوة وهن يتوسلنه ألا يصبحن يتيمات!.
هذا الشخص أعاد للإنسان النبيل أمجاده التي مر الزمان عليها تاركًا أثر الغبار، مسح هذا الرجل بروحه على معدن الإنسانية، وأعاد بريق الجودة من جديد، على رحابة صدره، وقوة إيمانه، لابد أن يكون محور ارتكاز المدينة، حتى ينال الجميع ولو قُبسًا من رحمته. ترك كل شيء، ونظر في حال طفلات بعمر ابنته المرحومة، فكّر هل يجرؤ على أن تذهب طفولتهن لعذاب اليُتم، فلم يكن قادرًا على أن يحرم البراءة من حنان الأبوة. الله، ما أجملك يا إبراهيم، كبير بهذه الأخلاق، عظيم بكل معانِ المروءة.

قدّس الله مقامك أبا حنين، وجعل الله حنين شفيعتك في الجنة بإذنه تعالى. أمضِ في حياتك، فإن لك قبولًا عند الناس مالم يسبق لأحد أن حُظيَ به منذ قرون.